منتديات ليل الفراق
كتاب البداية والنهايةلابن كثير سيرة رسول الله صلى الله 60

منتديات ليل الفراق
كتاب البداية والنهايةلابن كثير سيرة رسول الله صلى الله 60

منتديات ليل الفراق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 كتاب البداية والنهايةلابن كثير سيرة رسول الله صلى الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خفيف الظل
₪ ~ مــؤسـس الـمـوقـع ~ ₪
₪ ~ مــؤسـس الـمـوقـع ~ ₪
خفيف الظل


ذكر
عدد المساهمات : 449
نقاط : 4456
التقيم التقيم : 0
تاريخ التسجيل : 02/12/2009

كتاب البداية والنهايةلابن كثير سيرة رسول الله صلى الله Empty
مُساهمةموضوع: كتاب البداية والنهايةلابن كثير سيرة رسول الله صلى الله   كتاب البداية والنهايةلابن كثير سيرة رسول الله صلى الله Icon_minitime1الجمعة يناير 08, 2010 7:39 am

سنة ثلاث من الهجرة في أولها كانت‏:‏ غزوة نجد ويقال لها‏:‏ غزوة ذي أمر
قال ابن إسحاق‏:‏ فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة أو قريباً منها، غزا نجداً يريد غطفان وهي‏:‏ غزوة ذي أمر‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 3‏)‏
قال ابن هشام‏:‏ واستعمل على المدينة عثمان بن عفان‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ فأقام بنجد صفراً كله أو قريباً من ذلك، ثم رجع ولم يلق كيداً‏.‏
وقال الواقدي‏:‏ بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعاً من غطفان من بني ثعلبة بن محارب تجمعوا بذي أمر يريدون حربه، فخرج إليهم من المدينة يوم الخميس لثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث‏.‏
واستعمل على المدينة عثمان بن عفان، فغاب أحد عشر يوماً وكان معه أربعمائة وخمسون رجلاً، وهربت منه الأعراب في رؤوس الجبال، حتى بلغ ماء يقال له ذو أمر فعسكر به، وأصابهم مطر كثير، فابتلت ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل تحت شجرة هناك ونشر ثيابه لتجف، وذلك بمرأى من المشركين‏.‏
واشتغل المشركون في شؤونهم، فبعث المشركون رجلاً شجاعاً منهم يقال له غورث بن الحارث، أو دعثور بن الحارث فقالوا‏:‏ قد أمكنك الله من قتل محمد، فذهب ذلك الرجل ومعه سيف صقيل، حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهوراً، فقال‏:‏ يا محمد من يمنعك مني اليوم ‏؟‏
قال‏:‏ الله، ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ من يمنعك مني‏؟‏ قال‏:‏ لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والله لا أكثر عليك جمعاً أبداً، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه، فلما رجع إلى أصحابه فقالوا‏:‏ ويلك مالك ‏؟‏
فقال‏:‏ نظرت إلى رجل طويل فدفع في صدري فوقعت لظهري، فعرفت أنه ملك وشهدت أن محمداً رسول الله، والله لا أكثر عليه جمعاً، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 4‏)‏
قال‏:‏ ونزل في ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ‏}‏الآية ‏[‏المائدة‏:‏ 11‏]‏
قال البيهقي‏:‏ وسيأتي في غزوة ذات الرقاع قصة تشبه هذه فلعلهما قصتان‏.‏
قلت‏:‏ إن كانت هذه محفوظة فهي غيرها قطعاً، لأن ذلك الرجل اسمه غورث بن الحارث أيضاً، لم يسلم بل استمر على دينه، ولم يكن عاهد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتله، والله أعلم‏.‏
غزوة الفرع من بحران
قال ابن إسحاق‏:‏ فأقام بالمدينة ربيعاً الأول كله، أو إلا قليلاً منه، ثم غدا يريد قريشاً‏.‏
قال ابن هشام‏:‏ واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ حتى بلغ بحران، وهو معدن بالحجاز من ناحية الفرع‏.‏
وقال الواقدي‏:‏ إنما كانت غيبته عليه السلام عن المدينة عشرة أيام، فالله أعلم‏.‏
خبر يهود بني قينقاع في المدينة
وقد زعم الواقدي أنها كانت في يوم السبت النصف من شوال، سنة ثنتين من الهجرة، فالله أعلم، وهم المرادون بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 11‏]‏‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ وقد كان فيما بين ذلك من غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بني قينقاع‏.‏
قال وكان من حديثهم‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم في سوقهم ثم قال‏:‏ يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم‏.‏
فقالوا‏:‏ يا محمد إنك ترى أنا قومك، لا يغرنك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، أما والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ فحدثني مولى لزيد بن ثابت عن سعيد بن جبير، وعن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ ما نزلت هؤلاء الآيات إلا فيهم‏:‏ ‏{‏قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 12-13‏]‏ يعني أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش‏.‏
‏{‏فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 13‏]‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 5‏)‏
قال ابن إسحاق‏:‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا العهد، وحاربوا فيما بين بدر وأحد‏.‏
قال ابن هشام‏:‏ فذكر عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبي عون قال‏:‏ كان أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ هناك منهم، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها‏.‏
فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فأغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال‏:‏ فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم فقال‏:‏ يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج، قال‏:‏ فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا محمد أحسن في موالي فأعرض عنه‏.‏
قال‏:‏ فأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال ابن هشام‏:‏ وكان يقال لها ذات الفضول، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏أرسلني‏)‏‏)‏ وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظللاً، ثم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ويحك أرسلني‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي أربعمائة حاسر، وثلثمائة دراع قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة، إني والله أمرؤ أخشى الدوائر‏.‏
قال‏:‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏هم لك‏)‏‏)‏‏.‏
قال ابن هشام‏:‏ واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في محاصرته إياهم أبا لبابة - بشير بن عبد المنذر - وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ وحدثني أبي، عن عبادة بن الوليد، عن عبادة بن الصامت قال‏:‏ لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي وقام دونهم‏.‏
ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من بني عوف له من حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي، فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال‏:‏ يا رسول الله أتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم‏.‏
قال‏:‏ وفيه وفي عبد الله بن أبي نزلت الآيات من المائدة‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض‏.‏‏.‏‏}‏الآيات حتى قوله‏:‏ ‏{‏فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة‏}‏يعني‏:‏ عبد الله ابن أبي، إلى قوله‏:‏ ‏{‏ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون‏}‏يعني‏:‏ عبادة بن الصامت، وقد تكلمنا على ذلك في التفسير‏.‏
سرية زيد بن حارثة إلى ذي القردة
إلى عير قريش صحبة أبي سفيان أيضاً، وقيل صحبة صفوان‏.‏
قال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق‏:‏ وكانت بعد وقعة بدر بستة أشهر‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 6‏)‏
قال ابن إسحاق‏:‏ وكان من حديثها أن قريشاً خافوا طريقهم التي كانوا يسلكون إلى الشام، حين كان من وقعة بدر ما كان، فسلكوا طريق العراق فخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان، ومعه فضة كثيرة، وهي عظم تجارتهم واستأجروا رجلاً من بكر بن وائل يقال له‏:‏ فرات بن حيان يعني - العجلي - حليف بني سهم ليدلهم على تلك الطريق‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فلقيهم على ماء يقال له القردة، فأصاب تلك العير وما فيها، وأعجزه الرجال فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال في ذلك حسان بن ثابت‏:‏
دعوا فلجات الشام قد حال دونها * جلاد كأفواه المخاض الأوارك
بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم * وأنصاره حقاً وأيدي الملائك
إذا سلكت للغور من بطن عالج * فقولا لها ليس الطريق هنالك
قال ابن هشام‏:‏ وهذه القصيدة في أبيات لحسان، وقد أجابه فيها أبو سفيان بن الحارث‏.‏
وقال الواقدي‏:‏ كان خروج زيد بن حارثة في هذه السرية مستهل جمادى الأولى على رأس ثمانية وعشرين شهراً من الهجرة، وكان رئيس هذه العير صفوان بن أمية، وكان سبب بعثه زيد بن حارثة أن نعيم بن مسعود قدم المدينة ومعه خبر هذه العير، وهو على دين قومه‏.‏
واجتمع بكنانة بن أبي الحقيق في بني النضير، ومعهم سليط بن النعمان من أسلم، فشربوا وكان ذلك قبل أن تحرم الخمر، فتحدث بقضية العير نعيم بن مسعود، وخروج صفوان بن أمية فيها وما معه من الأموال‏.‏
فخرج سليط من ساعته فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث من وقته زيد بن حارثة فلقوهم، فأخذوا الأموال، وأعجزهم الرجال، وإنما أسروا رجلاً أو رجلين وقدموا بالعير، فخمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ خمسها عشرين ألفاً، وقسم أربعة أخماسها على السرية وكان فيمن أسر الدليل فرات بن حيان فأسلم رضي الله عنه‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وزعم الواقدي أن في ربيع من هذه السنة تزوج عثمان بن عفان أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدخلت عليه في جمادى الآخرة منها‏.‏
مقتل كعب بن الأشرف
وكان من بني طيء، ثم أحد بني نبهان، ولكن أمه من بني النضير، هكذا ذكره ابن إسحاق قبل جلاء بني النضير، وذكره البخاري والبيهقي بعد قصة بني النضير، والصحيح ما ذكره ابن إسحاق لما سيأتي‏:‏ فإن بني النضير إنما كان أمرها بعد وقعة أحد، وفي محاصرتهم حرمت الخمر كما سنبينه بطريقه إن شاء الله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 7‏)‏
قال البخاري في صحيحه، باب قتل كعب بن الأشرف‏:‏ حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان قال عمرو بن دينار‏:‏ سمعت جابر بن عبد الله يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏من لكعب بن الأشرف فإنه قد أذى الله ورسوله‏)‏‏)‏ فقام محمد بن مسلمة فقال‏:‏ يا رسول الله أتحب أن أقتله ‏؟‏
قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فأذن لي أن أقول شيئاً، قال‏:‏ قل فأتاه محمد بن مسلمة فقال‏:‏ إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنانا، وإني قد أتيتك أستسلفك‏.‏
قال‏:‏ وأيضاً، والله لتملنه‏.‏
قال‏:‏ أنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا‏.‏
قال‏:‏ نعم، ارهنوني‏.‏
قلت‏:‏ أي شيء تريد ‏؟‏
قال‏:‏ ارهنوني نساءكم‏.‏
فقالوا‏:‏ كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ‏؟‏
قال‏:‏ فارهنوني أبناءكم‏.‏
قالوا‏:‏ كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين، هذا عار علينا، ولكن نرهنك اللأمة، قال سفيان‏:‏ يعني السلاح، فواعده أن يأتيه ليلاً، فجاءه ليلاً ومعه أبو نائلة، وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن، فنزل إليهم فقالت له امرأته‏:‏ أين تخرج هذه الساعة ‏؟‏
وقال غير عمرو‏:‏ قالت‏:‏ أسمع صوتاً كأنه يقطر منه الدم‏.‏
قال‏:‏ إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعى إلى طعنه بليل لأجاب‏.‏
قال‏:‏ ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين، فقال‏:‏ إذا ما جاء فإني مائل بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، وقال مرة‏:‏ ثم أشمكم، فنزل إليهم متوشحاً وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال‏:‏ ما رأيت كاليوم ريحاً أي أطيب‏.‏
وقال غير عمر، وقال‏:‏ عندي أعطر نساء العرب، وأجمل العرب‏.‏
قال عمرو‏:‏ فقال‏:‏ أتأذن لي أن أشم رأسك ‏؟‏
قال‏:‏ نعم، فشمه، ثم أشَمَّ أصحابه، ثم قال‏:‏ أتأذن لي ‏؟‏
قال‏:‏ نعم، فلما استمكن منه قال‏:‏ دونكم، فقتلوه ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه‏.‏
وقال محمد ابن إسحاق‏:‏ كان من حديث كعب بن الأشرف، وكان رجلاً من طيء، ثم أحد بني نبهان، وأمه من بني النضير أنه لما بلغه الخبر عن مقتل أهل بدر، حين قدم زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة قال‏:‏ والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها، فلما تيقن عدو الله الخبر، خرج إلى مكة فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي، وعنده عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف فأنزلته وأكرمته‏.‏
وجعل يحرض على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار، ويندب من قتل من المشركين يوم بدر، فذكر ابن إسحاق قصيدته التي أولها‏:‏
طحنت رحى بدر لمهلك أهله * ولمثل بدر تستهل وتدمع
وذكر جوابها من حسان بن ثابت رضي الله عنه ومن غيره، ثم عاد إلى المدينة، فجعل يشبب بنساء المسلمين، ويهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 8‏)‏
وقال موسى بن عقبة‏:‏ وكان كعب بن الأشرف أحد بني النضير أو فيهم، قد أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجاء وركب إلى قريش فاستغواهم، وقال له أبو سفيان وهو بمكة‏:‏ أناشدك أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه‏؟‏ وأينا أهدى في رأيك وأقرب إلى الحق‏؟‏ إنا نطعم الجزور الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونطعم ما هبت الشمال‏.‏
فقال له كعب بن الأشرف‏:‏ أنتم أهدى منهم سبيلاً‏.‏
قال‏:‏ فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 51-52‏]‏ وما بعدها‏.‏
قال موسى ومحمد بن إسحاق‏:‏ وقدم للمدينة يعلن بالعداوة ويحرض الناس على الحرب، ولم يخرج من مكة حتى أجمع أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يشبب بأم الفضل بن الحارث وبغيرها من نساء المسلمين‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما حدثني عبد الله بن المغيث بن أبي بردة -‏:‏ ‏(‏‏(‏من لابن الأشرف‏)‏‏)‏ فقال له محمد بن مسلمة أخو بني عبد الأشهل‏:‏ أنا لك به يا رسول الله، أنا أقتله‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏‏(‏فافعل إن قدرت على ذلك‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثاً لا يأكل، ولا يشرب، إلا ما يعلق نفسه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له‏:‏ ‏(‏‏(‏لم تركت الطعام والشراب ‏؟‏‏)‏‏)‏ فقال‏:‏ يا رسول الله قلت لك قولاً لا أدري هل أفي لك به أم لا‏؟‏
قال‏:‏ ‏(‏‏(‏إنما عليك الجهد‏)‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول الله إنه لا بد لنا أن نقول‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏‏(‏فقولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة، وسلكان بن سلامة بن وقش، وهو أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، وعباد بن بشر بن وقش أحد بني عبد الأشهل، والحارث بن أوس بن معاذ أحد بني عبد الأشهل، أبو عبس بن جبر أخو بني حارثة‏.‏
قال‏:‏ فقدموا بين أيديهم إلى عدو الله كعب سلكان بن سلامة أبا نائلة، فجاءه فتحدث معه ساعة، فتناشدا شعراً - وكان أبو نائلة يقول الشعر - ثم قال‏:‏ ويحك يا ابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني، قال‏:‏ أفعل‏.‏
قال‏:‏ كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء عادتنا العرب، ورمتنا عن قوس واحدة، وقطعت عنا السبيل حتى ضاع العيال، وجهدت الأنفس، وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا‏.‏
فقال كعب‏:‏ أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن سلامة أن الأمر يصير إلى ما أقول، فقال له سلكان‏:‏ إني قد أردت أن تبيعنا طعاماً، ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك‏.‏
قال‏:‏ ترهنوني أبناءكم‏؟‏ قال‏:‏ لقد أردت أن تفضحنا إن معي أصحاباً لي على مثل رأيي، وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم، وتحسن في ذلك، ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء‏.‏ وأراد سلكان أن لا ينكر السلاح إذا جاؤوا بها‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 9‏)‏
فقال‏:‏ إن في الحلقة لوفاء‏.‏ قال‏:‏ فرجع سلكان إلى أصحابه فاخبرهم خبره، وأمرهم أن يأخذوا السلاح ثم ينطلقوا فيجتمعوا إليه، فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ فحدثني ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال‏:‏ مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم‏)‏‏)‏‏.‏
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، وهو في ليلة مقمرة، فانطلقوا حتى انتهوا إلى حصنه فهتف به أبو نائلة، وكان حديث عهد بعرس، فوثب في ملحفته، فأخذت امرأته بناحيتها وقالت‏:‏ أنت امرؤ محارب وأن أصحاب الحرب لا ينزلون في هذه الساعة‏.‏
قال‏:‏ إنه أبو نائلة لو وجدني نائماً ما أيقظني، فقالت‏:‏ والله إني لأعرف في صوته الشر‏.‏
قال‏:‏ يقول لها كعب‏:‏ لو دعي الفتى لطعنة أجاب‏.‏ فنزل فتحدث معهم ساعة، وتحدثوا معه، ثم قالوا‏:‏ هل لك يا ابن الأشرف أن تتماشى إلى شعب العجوز فنتحدث به بقية ليلتنا هذه‏؟‏
قال‏:‏ إن شئتم‏.‏ فخرجوا فمشوا ساعة‏.‏ ثم إن أبا نائلة شام يده في فود رأسه ثم شم يده فقال‏:‏ ما رأيت كالليلة طيباً أعطر قط‏.‏
ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن‏.‏
ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها، فأخذ بفودي رأسه ثم قال‏:‏ اضربوا عدو الله ‏!‏ فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئاً‏.‏
قال محمد بن مسلمة‏:‏ فذكرت مغولاً في سيفي فأخذته، وقد صاح عدو الله صيحة، لم يبق حولنا حصن إلا أوقدت عليه نار‏.‏
قال‏:‏ فوضعته في ثنته، ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته، فوقع عدو الله وقد أُصيب الحارث بن أوس بجرح في رجله أو في رأسه، أصابه بعض سيوفنا‏.‏
قال‏:‏ فخرجنا حتى سلكنا على بني أمية بن زيد، ثم على بني قريظة، ثم على بعاث، حتى أسندنا في حرة العريض، وقد أبطأ علينا صاحبنا الحارث بن أوس، ونزفه الدم، فوقفنا له ساعة، ثم أتأنا يتبع آثارنا فاحتملناه، فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل، وهو قائم يصلي، فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل عدو الله‏.‏
وتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم على جرح صاحبنا، ورجعنا إلى أهلنا، فأصبحنا وقد خافت يهود بوقعتنا بعدو الله، فليس بها يهودي إلا وهو خائف على نفسه‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وزعم الواقدي أنهم جاؤوا برأس كعب بن الأشرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ وفي ذلك يقول كعب بن مالك‏:‏
فغودر منهم كعب صريعاً * فذلت بعد مصرعه النضير
على الكفين ثم وقد علته * بأيدينا مشهرة ذكور
بأمر محمد إذ دس ليلاً * إلى كعب أخا كعب يسير
فماكره فأنزله بمكر * ومحمود أخو ثقة جسور
قال ابن هشام‏:‏ وهذه الأبيات في قصيدة له في يوم بني النضير ستأتي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 10‏)‏
قلت‏:‏ كان قتل كعب بن الأشرف على يدي الأوس بعد وقعة بدر، ثم إن الخزرج قتلوا أبا رافع ابن أبي الحقيق بعد وقعة أحد، كما سيأتي بيانه إن شاء الله وبه الثقة‏.‏
وقد أورد ابن إسحاق شعر حسان بن ثابت‏:‏
لله در عصابة لاقيتهم * يا ابن الحقيق وأنت يا ابن الأشرف
يسرون بالبيض الخفاف إليكم * مرحاً كأسد في عرين مغرف
حتى أتوكم في محل بلادكم * فسقوكم حتفاً ببيض ذفف
مستبصرين لنصر دين نبيهم * مستصغرين لكل أمر مجحف
قال محمد بن إسحاق‏:‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه‏)‏‏)‏ فوثب عند ذلك محيصة بن مسعود الأوسي على ابن سنينة - رجل من تجار يهود كان يلابسهم ويبايعهم - فقتله‏.‏
وكان أخوه حويصة بن مسعود أسن منه، ولم يسلم بعد، فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول‏:‏ أي عدو الله أقتلته‏؟‏ أما والله لرب شحم في بطنك من ماله‏.‏
قال محيصة‏:‏ فقلت والله لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لضربت عنقك‏.‏
قال‏:‏ فوالله إن كان لأول إسلام حويصة‏.‏
وقال‏:‏ والله لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني‏؟‏ قال‏:‏ نعم، والله لو أمرني بضرب عنقك لضربتها‏.‏
قال‏:‏ فوالله إن ديناً بلغ بك هذا لعجب، فأسلم حويصة‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ حدثني بهذا الحديث مولى لبني حارثة عن ابنة محيصة عن أبيها، وقال في ذلك محيصة‏:‏
يلوم ابن أم لو أمرتُ بقتله * لطبقت ذفراه بأبيض قارب
حسام كلون الملح أخلصُ صقله * متى ما أصوبه فليس بكاذب
وما سرني أني قتلتك طائعاً * وأن لنا ما بين بصرى ومأرب
وحكى ابن هشام عن أبي عبيدة، عن أبي عمرو المدني أن هذه القصة كانت بعد مقتل بني قريظة، فإن المقتول كان كعب بن يهوذا، فلما قتله محيصة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة، قال له أخوه حويصة ما قال، فرد عليه محيصة بما تقدم، فأسلم حويصة يومئذ، فالله أعلم‏.‏
تنبيه‏:‏ ذكر البيهقي، والبخاري قبله خبر بني النضير قبل وقعة أحد، والصواب إيرادها بعد ذلك كما ذكر ذلك محمد بن إسحاق وغيره من أئمة المغازي، وبرهانه أن الخمر حرمت ليالي حصار بني النضير‏.‏
وثبت في الصحيح أنه اصطبح الخمر جماعة ممن قتل يوم أحد شهيداً، فدل على أن الخمر كانت إذ ذاك حلالاً، وإنما حرمت بعد ذلك، فتبين ما قلناه من أن قصة بني النضير بعد وقعة أحد، والله أعلم‏.‏
تنبيه آخر‏:‏ خبر يهود بني قينقاع بعد وقعة بدر كما تقدم، وكذلك قتل كعب بن الأشرف اليهودي على يدي الأوس، وخبر بني النضير بعد وقعة أحد كما سيأتي، وكذلك مقتل أبي رافع اليهودي تاجر أهل الحجاز على يدي الخزرج، وخبر يهود بني قريظة بعد يوم الأحزاب، وقصة الخندق كما سيأتي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 4/ 11‏)‏
[left]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب البداية والنهايةلابن كثير سيرة رسول الله صلى الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مذيعه تموت وهي تستهزأ بالرسول الكريم الله اكبر(مشهد)
» وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
» حوار النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصغار
» لماذا حدد الله عز وجل الصلوات الخمس في مواعيدها التي نعرفها؟
» مذيعه تموت وهي تستهزأ بالرسول الكريم الله اكبر(مشهد)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ليل الفراق :: المنتديات الأسلامية :: منـتــدى الحبيب صلى اللة عليةوسلم-
انتقل الى: